يبدو المنظر مهيبا عندما تقع عيناك للوهلة الأولى على تلك البوابة الضخمة، فتتوالى فى ذهنك الأحداث، وتختفى من حولك كل مظاهر ومعالم الحياة الحديثة، ولم يبق أمامك سوى تلك المعركة الغير متكافئة التى جمعت جيش يملك من العتاد ما يؤهله لغزو العالم حينها، وآخر لا يعرف من الأسلحة غير السيوف والرماح، أطلال تفوح منها رائحة الدماء وتحوم حولها أرواح قتلى الحرب، فأمام تلك البوابة مات الآلاف وعُلق على أسوارها رؤوس الملوك.
فبعد موقعتى مرج دابق والريدانية بين العثمانيين والمماليك، وقع السلطان المملوكى طومان باى أسيرا فى أيدى الأتراك الذين استطاعوا السيطرة على القاهرة وإلحاق جيش المماليك هزيمة ساحقة تدمرت على أثرها جيوشهم الجرارة التى أهلكتها الحروب ورجعية حكامها ورفضهم تطوير الجيش وإمداده بالمعدّات والسلاح الحديث الذى امتلكه العثمانيون فى تلك الفترة.
تم اغتيال طومان باى، وفصل الأتراك رأسه عن جسده، وعلقوها على المشنقة التاريخية الموجودة على سور البوابة من الخارج لمدة ثلاثة أيام متتالية، فعلى تلك المشنقة عُلقت رؤوس رسل هولاكو قائد التتار عندما تحدثوا بشكل غير لائق مع سيف الدين قطز حاكم مصر المملوكى، فلا تزال تلك المشنقة تقطر دماء أسرى وقتلى الحروب التاريخية التى وقعت على مشارف القاهرة القديمة.