قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر في أمس الحاجة للتعاون بين مؤسسات الدولة لتحقيق التنمية الشاملة ، مضيفا أن الدولة تواجه إرهابا يستهدف النيل من استقرار الوطن وترويع الآمنين.
وفيما يلي نص كلمة السيسي للشعب المصري بمناسبة أعياد تحرير سيناء:
شعب مصر العظيم .. أيها الشعب الأبي الكريم
نحتفل اليوم معاً بيوم مجيد من أيام مصر .. وعلامة مضيئة في سجل بطولاتها وانتصاراتها .. إنها الذكرى الثالثة والثلاثين لتحرير سيناء .. تلك البقعة الغالية من أرض مصر .. بوابتها الشرقية .. وحائط الصد وخط الدفاع الأول عن أمنها القومي.. أرض الأنبياء المباركة .. التي تمثل ذكرى تحريرها رمزاً لنضال شعب مصر الأبي.. وأيقونة لإيمانه وإصراره .. ووحدة نسيجه الوطني .. بمسلميه ومسيحييه .. الذين جادوا بأرواحهم .. واختلطت دماؤهم لتروي تراب الوطن .. في معركة مقدسة ظلت نموذجاً يدرس في العلوم العسكرية.
لقد كانت استعادة سيناء الحبيبة ومن بعدها طابا ملحمة وطنية رائعة .. تضافرت فيها جهودٌ مخلصة بدافع وطني لكافة مؤسسات الدولة العسكرية والدبلوماسية والقانونية.. فضربت مثالاً وقدمت نموذجاً يُحتذى به لما يجب أن يكون عليه التنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة المصرية لتحقيق صالح الوطن .. وفي مرحلة البناء الراهنة فإن مصر في أمَّس الحاجة إلى التعاون والتنسيق بين كافة المؤسسات المصرية لتحقيق التنمية الشاملة المنشودة.
ولن يفوتني في هذا المقام أن أوجه تحية إعزاز وتقدير لشهداء مصر الأبرار الذين ضحوا بحياتهم وجادوا بدمائهم في معركة الكرامة التي حررت أرض سيناء.. واستعادت هيبة الدولة المصرية .. وتحية لكل يد مصرية تسعى لحماية سيناء وتطهيرها مما تعاني منه من إرهاب غاشم يستهدف النيل من أمن مصر .. ويعوق مسيرة تقدمها .. حيث تحل علينا ذكرى تحرير سيناء هذا العام .. وهي تواجه إرهاباً يحمل نوايا خبيثة تسعى لتحقيق مصالح ضيقة على حساب مستقبل وآمال شعب مصر .. تروع الآمنين وتهدد الاستقرار .. وتضمر الشر لوطن طالما اعتاد شعبه الأمن .. مصداقاً لقوله تعالى ” ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”.. إلا أن مصر وشعبها لديهما إصرار لا ينضب وعزيمة لن تلين .. فقواتنا المسلحة.. جيش مصر الباسل .. درع الوطن الحامي .. تخوض معارك شرسة وبلا هوادة.. بالتعاون مع جهاز الشرطة الوطني .. لإرساء دعائم الأمن والاستقرار .. تمهيداً لتحقيق تنمية شاملة في سيناء .. والنهوض بأوضاع أهل سيناء الشرفاء .. الذين نقدم لهم جميعاً كل التحية والتقدير .. ونؤكد لهم أن مواقفهم الوطنية ستظل محفورة في ذاكرة هذا الوطن .. لاسيما أنهم لم يدخروا جهداً لمعاونة كافة أجهزة الدولة للتمكن من القيام بمهامها على الوجه الأكمل.
الإخوة والأخوات أبناء شعب مصر..
إن الدولة المصرية تضع تنمية سيناء نصب أعينها من خلال خطة شاملة تستجيب لاحتياجات مواطنيها في كافة المجالات، حيث تصب العديد من المشروعات القومية لصالح جهود التنمية في سيناء.. سواء من خلال التنمية العمرانية عبر إقامة مدينتي رفح الجديدة والإسماعيلية الجديدة التي ستقام شرق القناة.. أو على الصعيد الاقتصادي من خلال مشروع قناة السويس الجديدة .. وما يرتبط به من مشروعات لتنمية منطقة قناة السويس .. بالإضافة لشبكة الطرق القومية.. ومشروعات التنمية في مجالات التعدين والزراعة وتنمية الثروة السمكية.. وتستهدف هذه الجهود ضمن أولوياتها توفير فرص العمل وتشغيل الشباب .. وتوظيف طاقاتهم الإبداعية والفكرية والعلمية لتعمير هذا الجزء العزيز من أرض مصر.
إن مصر حققت سلام المنتصرين .. سلام اختارته وجنحت له باختيار حر.. وإرادة واعية .. وستظل مصر حريصة على السلام وملتزمة به.. تحميه بقوات مسلحة قادرة .. وتبذل أقصى الجهد من أجل تحقيق سلام شامل وعادل.. لا تقتصر آثاره فقط على تحقيق التنمية والاستقرار، وإنما تمتد لتشمل القضاء على أحد أهم مبررات الإرهاب التي تستند إليها الجماعات المتطرفة.
الإخوة والأخوات أبناء شعب مصر.
إن مواجهتنا للإرهاب والتطرف لا تقتصر على الداخل المصري .. بل تتم في منطقة صعبة تموج بالأزمات والتحديات والمخاطر.. ووسط أمثلة عديدة من حولنا للانقسام الطائفي وغياب الأمن وإراقة الدماء وزعزعة الاستقرار.. إن مصر لا تملك الانعزال عن قضاياها أو تجاهل انعكاساتها على الأمن القومي الذي يرتبط بأمن واستقرار الشرق الأوسط وبأمن الخليج العربي والبحر الأحمر ومنطقة المتوسط .. فضلاً عن الأوضاع في الدول الإفريقية لاسيما دول حوض النيل.. إن مصر لن تسمح بتهديد أمنها القومي .. ولن تسمح - بالتعاون مع أشقائها العرب ــ لأية قوى تسعى لبسط نفوذها أو مخططاتها على العالم العربي بأن تحقق مآربها.
أقول لأبناء بلادي إن علينا استلهام دروس معركة التحرير .. فلقد انتصرنا بالإيمان وبالأخذ بأسباب العلم والعمل .. حين توحدت صفوفنا .. وتغلبنا على محدودية الموارد.. وأحبطنا محاولات التشكيك في قدراتنا والتحكم في إرادتنا .. إن تحرير سيناء يقدم مثالاً حياً على أن الشعوب قادرة على تجاوز أسباب الضعف لتواجه تحديات العدوان بتضحيات أقوى .. وتجعل ثمنه فادحاً وآثاره وخيمة .. فصون الاستقلال الوطني وحرية القرار والإرادة يتطلبان قوات مسلحة قوية .. مجهزة بأحدث الإمكانيات.. ومدربة علي أعلي المستويات.. ومؤمنة إيماناً قوياً بمسئوليتها في حماية الوطن.. والدفاع عن مقدراته .. والمساهمة في تعزيز وضعيته بين الأمم والشعوب.
أقول لكم ونحن نحتفل بذكرى تحرير سيناء .. إن قواتنا المسلحة .. هي صخرة الوطن التي تحطم عليها كل من أضمر لمصر الشر والسوء .. فتحية لرجال القوات المسلحة البواسل .. وتحية لكل من ساهم في معركة تحرير سيناء حرباً وسلاماً .. كل من فاضت روحه طاهرة زكية وكل من خضبت دماؤه أرض سيناء لترويها فتطرح أمناً وسلاماً .. تحية لأرواح شهدائنا الأبرار .. وبطولات أبنائنا الشجعان .
إن يوم تحرير سيناء سيظل بإذن الله يوم عيد لكل المصريين .. تخليداً لذكرى الانتصار .. والسلام القائم على الحق والعدل .. ودليلاً عملياً على قدرة مصر على استرداد أرض الوطن وحمايتها والذود عنها ضد أي تهديدات تواجهها.. وستظل مصر بشعبها العظيم عزيزةً أبية .. مصدرَ فخرٍ لأبنائها .. ويدَ عونٍ لأمتها العربية.
تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر
كل عام وأنتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.