مدينة مروي هي مدينة اثرية في شمال السودان تقع علي الضفة الشرقية لنهر النيل، تضم المدينة أهرامات تشبه أهرامات الجيزة، تعتبر مروي هي عاصمة مملكة أكوش والتي كانت قوة عظمى بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد
امتدت إمبراطوريتها الشاسعة من سواحل البحر الأبيض المتوسط الي اعماق أفريقيا، جاعلة من مناطق نفوذها مساحة تبادل للتجارة والهندسة واللغات والأديان، وحكمت مصر لقرن ونيف وتركت اثارا هائلة من الأهرامات والمعابد والمنشآت الكبري .
بمجرد ذكر كلمة أهرامات، فأول ما يتبادر إلى الأذهان أهرامات مصر الضخمة في الجيزة، إلا أن للسودان أيضاً مخزون لا يستهان به من الأهرامات، حيث تطل أهرامات النوبة، كثيرة العدد، شامخةً رغم النسيان والإهمال الذي غيبها عن أعين السياح حول العالم.
وتشير الدراسات إلى أنه توجد في السودان أهرامات أكثر من أي مكان في العالم، فهناك حوالي 220 هرماً، أي ضعف عدد أهرامات مصر، غير إنها لا تزال بعيدة عن الأنظار وفضول السائحين.
وأول من لفت الأنظار لأهرامات السودان، كان عالم المعادن الفرنسي فريديريك كايوه، في العام 1821، ثم تلاه السياسي البريطاني آرثر هولرويد، في القرن التاسع عشر الذي أولاها اهتماماً كبيراً.
وتحتوي منطقة النوبة في شمال السودان على حضارة “نيلية”بها عشرات الأهرامات التي تحتوي على رفات 20 ملكاً و8 ملكات و3 من الأمراء و10 من النبلاء حكموا بلاد النوبة، التي عرفت بالسودان فيما بعد، أكثر من 9 قرون بين أعوام 592 ق.م، و350م.
وتتميز أهرامات السودان بصغر حجمها مقارنةً بمثيلاتها المصرية، فأكبرها طوله 30 متراً، بينما يبلغ ارتفاع الهرم الاكبر في الجيزة 146 متراً، وأضلعها شديدة الانحدار، ومنها ما يقارب 70 درجة.
وبجانب الأهرامات، هناك نصب معبد أبادماك، الإله الأسد، الذي يرتفع لاكثر من 5 أمتار، مزين بنقوش رائعة تمثل الملك “نتك أميني” والملكة “آميني تيري”، ويلاحظ تشابه اسلوب النقوش مع التراث الفرعوني.
الجدير بالذكر أن معظم الاهرامات السودانية شيدت إبان مملكة “كوش”، التي سيطرت على الجزء الجنوبي من حوض النيل إلى الجنوب من مصر الفرعونية قبل ألف سنة من الميلاد تقريباً، غير أنها لم تكن المملكة الأولى في هذه المنطقة.
ومملكة “كوش” وهي امتداد لحضارات نوبية أعرق أقدمها حضارة نشأت قبل حوالي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد في مدينة “كرمة”، التي لا تزال آثارها الباقية قرب الحدود بين مصر والسودان؛ وهي تدهش علماء الآثار بتخطيطها المميز.
وفي عام 1070 قبل الميلاد أعلن نائب الفرعون عن منطقة “كوش” استقلال الاقليم عن الإدارة الفرعونية واتخذ من “نبتة” واحتفظ ملوك كوش بالعادة الفرعونية المتمثلة في دفن ملوكهم في مقابر ملكية فارهة على شكل أهرامات.
ويقول الباحث في علم الآثار، عادل تبيدي، إن أهرامات السودان تعرضت للكثير من العبث من قبل اللصوص والمتطفلين، من أشهرهم الإيطالي جيوزيبي فيرليني، الذي دخل السودان مع قوات إسماعيل باشا الغازية في العام 1820، فدمر رؤوس 40 هرماً و نهب كل ما امتدت إليه يداه من وثائق وتحف ومجوهرات وذهب في مدافن الملوك.
وأوضح تبيدي أنه وبالرغم مما تعرضت له أهرامات السودان من عمليات سرقة، إلا أن ما تحتويه من رفات ما زال يحتفظ بكمية ضخمة من المجوهرات؛ فقد كان أحد ملوك القرن الأول الميلادي يضع في أصابعه 19 خاتماً فضياً وفي كلتا يديه سواران من الذهب الخالص.
ويؤكد أستاذ الآثار بالجامعات السودانية، أحمد خير الله، أن السودان يتمتع بمكونات أثرية وحضارية أقدم من الحضارة المصرية، الأمر الذي يجعل مقومات السياحة في السودان يمكن أن تكون اكبر مكونات الدخل الاقتصادي من خلال مزيد من الاهتمام وبذل جهود إضافية للتسويق والتعريف بالمكونات والمواقع الأثرية.
وأضاف خير الله أن السياحة الأثرية ساهمت بصورة واضحة في تطوير اقتصاديات دول عديدة على مستوى العالم، وتابع هذا يمكن أن يحققه السودان، مؤكداً أن المنطقة الشمالية النائية من الصحراء النوبية، تعج بالأهرامات، ولا يزورها أي شخص خارج المنطقة تقريباً.
وبالرغم من أن السودان به أكثر من 220 هرماً، مصنفة ضمن قائمة اليونيسكو للتراث الإنساني العالمي، إلا أنها، مثلها مثل أغلب الآثار التاريخية في البلاد، لم تحظ بالرعاية والاهتمام اللائقين من قبل الحكومات الوطنية المتعاقبة، لكنها تبقى صامدة عبر التاريخ شاهدة على حضارة عريقة صنعتها أمة عظيمة.
خريطة السودان القديمة وتظهر فيها مملكة “كوش”النوبية ومدنها نبتة ومروي
أهرامات البجراوية شديدة الانحدار
معبد “أبا دماك”، الإله الأسد
مرقد رفات الملوك في إحدى الأهرامات من الداخل
معبد فرعوني في مملكة كوش النوبية
جدارية لأحد الاهرمات من الداخل
مدرج لأحد أهرامات مروي
لي وآثار منهوبة تخص الملكة النوبية “أمانيشاخيتو”، يرجع تاريخها للقرن الأول قبل الميلاد، معروضة في متحف ببرلين
أهرامات متفرقة أصابها الدمار جراء عمليات النهب والسرقة على مر العصور