اللواء وليد النمر: "القضية 250"ستكشف المشاركين فى هدم مصر
القيادى السابق بـ«المخابرات الحربية»فى أخطر حوار : نعم.. «الفريق شفيق»كان الفائز بانتخابات الرئاسة
لم يكن قبوله إجراء حوار صحفى بالأمر السهل، وبحكم المنصب شديد الحساسية الذى كان يتولاه قبل تقاعده، فمن النادر أن يتحدث رجل مثل اللواء وليد النمر إلى الرأى العام، لكن شهادته للتاريخ وللمصريين عن واحدة من أهم الفترات فى تاريخ مصر وربما أكثرها تعقيداً وتشابكاً، كانت تستوجب المحاولة لكشف الحقائق وإعادة تقييم تلك الفترة بتفاصيلها الحقيقية وخباياها.
فى حوار حصرى يكشف أسرار وكواليس أهم 4 سنوات من عمر مصر، يصفها الكثيرون بأنها الأكثر سخونة وغموضاً فى الوقت نفسه، منذ نهاية 2010، وحتى تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى.
أسرار ما قبل ثورة 25 يناير..
مَن كان يحكم مصر فعلياً؟
ماذا حدث؟
وماذا كان من المتوقع أن يحدث؟
من فعل ماذا؟
ومن لم يفعل؟
لماذا انحاز الجيش إلى الشعب فى ثورة 25 يناير؟
المجلس العسكرى ودوره.. كيف وصل محمد مرسى إلى الحكم؟
وما حقيقة الاتفاقات التى أبرمها وجماعته مع عناصر الحرس الثورى الإيرانى «باسداران»، لتأسيس أجهزة مخابرات موازية تعمل ضد المصريين وضد سيادة الدولة؟
وتفاصيل القضية «250»التى يُكشف عنها لأول مرة.. والتى ستطال أسماء مشاهير فى الإعلام والصحافة والسياسة والاقتصاد..
وأين ذهبت سيارات السفارة الأمريكية بوثائق المجمع العلمى أثناء احتراقه؟
وماذا دار فى اجتماعات خيرت الشاطر مع محمد الظواهرى والاجتماع الاستثنائى الذى جمعه بـ«مرسى»فجر الثلاثين من يونيو؟
تفاصيل تنازل «مرسى»عن جزء من شمال سيناء لـ«حماس»، وإهداء حلايب وشلاتين المصرية إلى السودان.
محاولة الزج بالجيش فى حرب ضد بشار الأسد وأخرى ضد إثيوبيا، ما المعلومات شديدة السرية التى طلبها «الشاطر»من أحد القيادات العسكرية عن منظومة عمل القوات المسلحة، وتصدى الرئيس السيسى له بنفسه.
كل هذا يكشف عنه اللواء وليد النمر، القيادى السابق فى واحد من أهم الأجهزة السيادية فى مصر، وهو جهاز المخابرات الحربية، الذى كان بحكم عمله شاهداً على كل الأسرار قبل أن يتقاعد مع بداية هذا العام، بعد نحو 20 عاماً من العمل الشاق والواجب المهنى والوطنى الصعب.
وإلى نص الحوار..
■ قُبيل اندلاع ثورة 25 يناير 2011، من المؤكد أنه كانت هناك دلالات وإرهاصات تشير إلى قُرب حدوث أمر ما، لكن البعض ذهب بقوله إلى أن المخابرات الحربية فوجئت بثورة 25 يناير، وأن المشهد كان مربكاً للجميع؟
- المخابرات الحربية لم تفاجأ، لكن الجهاز له طبيعة شغل معينة، فنحن ليست لنا علاقة مباشرة بالشارع المصرى، وهناك أجهزة أخرى معنية بهذا الأمر، وهى المخابرات العامة والأمن القومى، لكن من ناحية أخرى، وحسب متطلبات بعض النقاط فى العمل كنا نرفع تقارير إلى القيادة السياسية، وكانت لدينا بعض المؤشرات، وتحديداً منذ أحداث اعتصامات المحلة ومجلس الوزراء بالأيام والشهور هذا من الناحية السياسية، أما فيما يتعلق بتحركات الإخوان، فالدلائل والمؤشرات التى كانت لدينا تؤكد، بحكم التاريخ، أنهم كانوا يخططون للسيطرة على الحكم منذ أحداث الأمن المركزى فى عام 1986، أى منذ ما يزيد على 29 سنة.
كانت وقتها تلك الأحداث بالونة اختبار، وما حدث فى ثورة 25 يناير هو السيناريو ذاته، لكن بشكل أوسع من خلال تحالفات تمت من «تحت الترابيزة»مع الحركات الثورية فى الشارع، فالإخوان قاموا بـ«زق» هذه الحركات الثورية فى البداية، وحينما تأكدوا من اشتعال الفتيل على مدار 3 أيام، نزل الإخوان بعد ذلك، وكانت النتيجة حرق الأقسام واقتحام السجون وإثارة الذعر بين الناس وعمليات السلب والنهب وسرقة المحلات وإحراقها والانفلات الأمنى، وهو تقريباً نفس ما حدث فى أحداث 1986، فبعد أن اشتعلت أحداث الأمن المركزى، تدخّلت الجماعات الإرهابية والإخوان، لتحويلها إلى صراع تحت شعار إقامة الدولة الإسلامية فى مصر، واقتحموا مسرح «الهوسابير»وأشعلوا فيه النار من الداخل، وبعدها بيومين قامت مجموعة أخرى بإحراق 3 سيارات شرطة فى شبرا، وفى الوقت نفسه تم حرق سينما «كريم 2»، وفى شهر مارس 1986 أحرقوا متجراً للخمور، كما خططت الجماعة للقيام بالسطو على محلات المصوغات التى يمتلكها مسيحيون فى منطقة الزاوية الحمراء، وكذلك التخطيط للاستيلاء على سيارة محمّلة بالذخيرة، ومداهمة مبنى مباحث أمن الدولة باستخدام ملابس الشرطة العسكرية ثم تفجير المبنى، واغتيال بعض الشخصيات العامة والقيادات ورؤساء تحرير الصحف، للضغط على السلطات، للإفراج عن المحكوم عليهم من تنظيم الجهاد قتلة «السادات».
«مرسى»كان يخطط لإقامة قواعد عسكرية أجنبية فى مصر.. وكل الأماكن كانت متاحة لأمريكا وحلايب وشلاتين كانت هدية «مرسى»إلى «إخوان السودان»فى إطار مشروع «الخلافة الإسلامية»
■ متى جرت التحالفات التى قلت إنها «من تحت الترابيزة»بين الإخوان والحركات الثورية؟
- من بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية 2010، خاصة فى ظل حالة احتقان الشعب من تزوير الانتخابات، والحديث عن عملية التوريث.
■ هل كان من ضمن مخططات الإخوان فى تلك الفترة ما جرى فى 28 يناير، وصولاً إلى يوم 11 فبراير وتنحى «مبارك»؟
- ثورة 25 يناير بدأت بشباب مصرى واعٍ محترم متعلم، يريد التغيير، لمستقبل أفضل حتى مساء يوم 27 يناير، كانت الأجواء سلمية تماماً، فى ذلك التوقيت كان الإخوان يدرسون ردود فعل الأمن، خاصة حالة الإنهاك التى وصلت إليها القوات، نتيجة الوجود بأعداد كبيرة خلال 3 أيام متواصلة فى الشارع، هنا بدأ الإخوان بالتحرك يوم 28 يناير، ولم يكن التحرّك أيضاً فى ذلك الوقت بأنفسهم، بل من خلال مأجورين خارجين عن القانون، لكى يشتّتوا الداخلية وقوات الأمن «اضرب هنا، اسرق هنا، ولّع هنا»، لمزيد من التشتيت حتى تحين الفرصة لهم كاملة، للتدخل بمخططاتهم المُعدّة مسبقاً.
■ لنعد إلى الوراء قليلاً ما قبل ثورة 25 يناير، ما حقيقة حادث كنيسة القديسين؟
- كان هناك مخطط لإشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين فى العديد من الدول العربية، وكان من بينها مصر، وكان يتولى هذا المخطط تنظيم القاعدة، واختاروا هذا المكان والتوقيت فى ليلة عيد الميلاد لتنفيذ تلك العملية، والمدعو سيد بلال كان متورطاً فى القضية بنسبة 100%، وصنع الإخوان بعد ذلك من سيد بلال ضحية وهم يجيدون ذلك تماماً، لكى يكون ذريعة واضحة لهم فى كل ما سيقومون به لاحقاً لإثارة الشعب ضد النظام.
■ البعض كان يتحدث عن أن هذا الحادث كان بتدبير من وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، حتى تظل فزاعة الجماعات الإرهابية الشوكة التى يضعها فى حلق نظام «مبارك»للإبقاء عليه؟
- حبيب العادلى لم يكن بحاجة إلى ذلك، فالنظام وقتها هو الذى أتى به، وعندما اختاره عارف كويس هو لماذا اختاره فى تلك المرحلة.
■ وهل تندرج أحداث ماسبيرو ضمن مخطط إثارة الفتنة الطائفية؟
- نعم، فأحداث ماسبيرو كانت بتدبير من الإخوان والحركات الثورية فى الشارع فى ذلك الوقت، وتحديداً «الاشتراكيين الثوريين وحركة 6 أبريل»لإحراج المجلس العسكرى، ولو لاحظنا وقتها سنجد شخصاً مثل علاء عبدالفتاح موجوداً لشحن الناس، ماذا كان يفعل هناك؟ مما لا شك فيه أن ذلك كان لإثارة الفتنة بأى طريقة، وفى بداية الوقفة الاحتجاجية لم يكن هناك أى احتكاكات، ثم اشتعلت الأمور وفقاً لمخطط الإخوان وهذه الحركات، وسقط ضحايا أبرياء.
■ هل تذكر واقعة مهمة تتعلق بأحداث 28 يناير الدامية «جمعة الغضب»؟
- نعم، اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة الأسبق، فأنا أريد أن أبرئ ذمته، ولولا أننى كنت فى الخدمة فى ذلك الوقت لكنت شهدت فى حقه بالقضية المتهم فيها، فإسماعيل الشاعر لم يعطِ أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين، واتصلت يوم 28 يناير بأحد المندوبين فى ميدان التحرير، وسألته عن الوضع العام عنده، فقال لى نصاً «صدرت تعليمات الآن من اللواء إسماعيل الشاعر بسحب جميع السلاح الموجود من قوات الأمن فى ميدان التحرير وتم تسليمه إلى قسم المتحف المصرى، وهو ما حدث بالفعل»، وهنا كان يقصد التسليح الشخصى للضباط، لأن أصلاً القوات لا تذهب إلا بالغاز المسيل للدموع أو بخراطيم المياه.
■ إذن من الذى قتل المتظاهرين، خصوصاً عمليات القنص الممنهجة فى الميدان؟
- هم قناصة مدرّبون ومحترفون تم تهريبهم عن طريق الأنفاق فى سيناء، واحتلوا أسطح العمارات، انتظاراً للحظة الصفر.
■ تقصد أن القناصة كانوا من الفلسطينيين؟
- طبعاً.
■ أين هؤلاء القناصة؟ أم أنهم مجرد أسماء وحبر على ورق؟
- البلاد فى ذلك الوقت كانت «مهلهلة»، لا وجود أمنى ولا داخلية والجيش مشغول بتأمين المنشآت والميادين، مش فى القاهرة بس، ده على مستوى الجمهورية بالكامل، والكل يذكر مقولة اللواء حسن الروينى، قائد المنطقة المركزية، عندما قال لمحمد البلتاجى «هتنزل الناس اللى فوق ولا أطلع أجيبهم؟»، فكان سهلاً جداً أن تختفى هذه الناس وسط الزحام والأحداث، وهربوا مرة أخرى عن طريق الأنفاق إلى خارج مصر.
■ متى دخلت هذه المجموعات تحديداً؟ قبل 25 يناير أم بعده؟
- هناك مجموعات دخلت قبل 25 يناير ومجموعات دخلت بعد 25 يناير، فكل مجموعة كانت لها مهمة محدّدة، وتعرف تماماً ماذا ستفعل وكيف ستهرب؟
فمثلاً منطقة سجن وادى النطرون كبيرة، لكنهم عندما اقتحموا السجن ذهبوا فقط إلى السجون التى بها قيادات الإخوان، المخطط كان كبيراً جداً، والإخوان ما هم إلا أداة لتنفيذ الأوامر.
■ هل تعرّضت هذه الخرائط والوثائق التاريخية للسرقة بالفعل؟
- لا أعرف.
■ إذن ما الذى كانت تحمله سيارات السفارة الأمريكية من داخل المجمع؟
- كانت تحمل وثائق، لكن ما نوعية هذه الوثائق وعلى أى شىء تحتوى؟ لا أحد يعلم. هل استعاد المجمع هذه الوثائق لاحقاً بعد عمليات الجرد؟ هل أخذوا بالهم أصلاً أن هناك وثائق غير موجودة أم لا؟ إلى أين ذهبت هذه السيارات بعد ذلك؟ هل إلى مقر السفارة الأمريكية أم مقر الجامعة الأمريكية؟ أم تم تهريبها إلى أمريكا؟ لا أحد يعرف.
■ ما الصفة القانونية التى تسمح بوجود سيارات تابعة لدولة أجنبية فى مكان الحادث، بل أن تحصل على وثائق تاريخية بهذه الخطورة؟
- لا توجد لها أى صفة.
■ يجرى الحديث فى أروقة الإعلام عن قضية كبرى ستمثل صدمة هائلة للشارع المصرى، لأنها تمس عدداً كبيراً من الرموز والشخصيات المحسوبة على النخبة المصرية، وتُعرف باسم «القضية 250»، فما صحة ذلك؟
- نعم صحيح، فالقضية كبيرة جداً، لكنى لا أستطيع أن أفصح عن تفاصيلها الآن، لكن يمكن الحديث عن بعض الخطوط العريضة بها، وهى أن كل من اشترك أو ساعد أو دعم فى هدم البلد من بداية ثورة 25 يناير 2011، اسمه وارد فى هذه القضية، وسيُحاسب، ومصر هتاخد حقها منه، ومش معنى أنهم متسابين لحد دلوقتى أنهم مش هيتحاسبوا كويس أوى.
■ هل هناك أسماء كبيرة وشهيرة؟
- كثير جداً، وهناك أسماء شهيرة و«تقيلة»تُحسب على نخبة المجتمع المصرى ورموزه، وستصيب الناس بالصدمة، لأن الشعب لم يكن يتوقع أبداً أن تكون هذه الأسماء من ضمن المدانين فى تلك القضية.
■ لماذا تأخر الإعلان عنها حتى اليوم؟
- لأن القضية متشعبة، وفى كل مرة يقوم أعضاء النيابة بالتحقيق مع طرف، نجد أن هذا الطرف يدلى بأقواله عن أطراف أخرى، فيبدأ فى استجواب تلك الأطراف مرة أخرى، وتنضم أسماء جديدة إلى ملف القضية.
■ ما الاتهامات «خيانة، تمويل، تخطيط، تخابر»؟
- كل هذه الاتهامات واردة فى القضية، والنيابة ستثبت ذلك حرفاً حرفاً.
■ هل هذا يعنى أن كل الأجهزة الأمنية فى مصر تعاونت فى تقديم الأدلة فى هذه القضية؟
- نعم، كل الأجهزة الأمنية شغالة فى القضية.
«المعزول»اتفق على إنشاء «جيش حر»بقيادة تنظيم القاعدة لدعم الإخوان إذا سقط حكمهم.. وتدريباتهم العسكرية كانت فى غزة بالتعاون مع «حماس»
■ ألا يمكن الكشف عن بعض الأسماء؟
- لا.
■ على الأقل الكشف عن مهن هذه الأسماء.
- فيها إعلاميون، رجال اقتصاد، سياسيون، نشطاء، وفيها مصريون، وفيها ناس من جهات أجنبية، من بينها أشخاص من حماس ومن إيران.
■لماذا تحمل اسم «القضية 250»؟ هل هم 250 متهماً؟
- لا، هو رقم قضائى للقضية.
■ متى سيُعلن عنها؟
- لا أعرف، لكن الأكيد أنه بعد انتهاء جهات التحقيق من عملها.
■ ثورة 25 يناير ما زالت تحمل أسراراً عدة، خاصة اللحظات الأخيرة، حيث خرج معظم المحللين السياسيين ليقولوا إن انحياز الجيش إلى الشعب كان عظيماً وأنقذ البلد من هاوية كبرى، لكن لا يمكن أيضاً إنكار أن ثورة 25 يناير توافقت مع إرادة الجيش فى أبطال مشروع التوريث لجمال مبارك.
- القوات المسلحة ليست لها علاقة بتوريث أو غير توريث، أو أن يكون رئيس الجمهورية «زيد أو عبيد»، القوات المسلحة لها مهمة واحدة محددة، وهى تأمين الوطن، سواء داخلياً أو خارجياً، وليست لها علاقة بمن يتسلم مقاليد الحكم، لأن ذلك يخضع لإرادة الشعب، ولاء الجيش للبلد وللشعب، وذلك التوقيت كان حرجاً، وكان لا بد للجيش أن يقوم بواجبه الوطنى تجاه الشعب، وهذا وضع طبيعى لإنقاذ البلد من السقوط فى الهاوية.
■ هذا يجعلنا نقفز فوق الأحداث، لنتحدث بكل صراحة عن لحظة إعلان فوز محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة، وهى الانتخابات التى ما زالت تطولها أقاويل كثيرة ما بين أنه كان فائزاً بالفعل، وما بين أن الفريق أحمد شفيق كان الفائز الحقيقى فى السباق الرئاسى.. أين الحقيقة؟
- الفريق أحمد شفيق كان الفائز فى سباق الرئاسة، وأنا واحد من الناس الذين تم إبلاغهم بشكل مباشر من مكتب رئيس الوزراء يومها فى مكالمة هاتفية: «مبروك يا فندم سيادة الفريق أحمد شفيق فاز»، وكان ذلك الساعة 3 ظهراً بالضبط.
■ إذن ما الذى حدث بعد ذلك؟
- لا أحد يعلم ما الذى تم فى الكواليس حتى إعلان فوز «مرسى».
■ من كان يحكم مصر فعلياً فى فترة «مرسى»: مكتب الإرشاد، أمريكا، التنظيم الدولى للإخوان؟
- بطبيعة الحال لم يكن محمد مرسى من يحكم، بل كان مكتب الإرشاد بتوجيهات من أمريكا بشكل مباشر.
■ هل يمكن أن تكشف لنا عن تفاصيل واحدة من هذه التوجيهات المباشرة من أمريكا لمكتب الإرشاد؟
- لا تعليق.
■ نشرت بعض وسائل الإعلام معلومات تم تداولها لاحقاً عن محتوى 4 مكالمات خطيرة تمت بين مكتب الإرشاد والقيادة الأمريكية وبعض الأطراف الأخرى فى فترة حكم «مرسى»، هل لك أن تؤكد على الأقل صحتها من عدمه؟
- نعم.
■ المكالمة الأولى تتحدث عن اتفاق بين «مرسى»ومحمد الظواهرى (شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى)، بشأن إنشاء جيش حر لحماية جماعة الإخوان إذا حدثت فى الأمور أمور، وهذا الجيش سيكون تحت قيادة ودعم تنظيم القاعدة، وأن المعزول مرسى وفّر بالفعل لهم 4 معسكرات تدريب فى شمال سيناء، لتنفيذ العمليات الإرهابية لاحقاً.
- نصف المعلومة صحيح، نعم كان هناك اتفاق مباشر لإنشاء هذه الميليشيات، وللعلم كانت نواتها الحقيقية «ميليشيات خيرت الشاطر فى جامعة الأزهر»التى عُرفت إعلامياً بميليشيات الأزهر عام 2007، أما فيما يتعلق بتعاونهم مع محمد الظواهرى، فلقد كان موجوداً علناً فى أحداث العباسية وأعلام «القاعدة»كانت مرفوعة، كما شاركت هذه الميليشيات فى اعتصامى «رابعة والنهضة»لتأمين المعتصمين هناك، وحينما تم فض الاعتصامات وجهت هذه الميليشيات أسلحتها ضد قوات الأمن والضباط والجنود.
■ من المعروف أن بعض مراكز الشباب التابعة لوزارة الشباب والرياضة فى شمال سيناء تحديداً كان يتم استخدامها خلال فترة حكم «مرسى»فى نشاطات مشبوهة، ومنها تكوين هذه الميليشيات؟
- بكل أسف مراكز وزارة الشباب والرياضة فى شمال سيناء كانت تستخدم لاستقطاب الشباب للانضمام إلى جماعة الإخوان والجماعات التكفيرية من أيام حسنى مبارك، من خلال معسكرات شبابية وهمية، لكن التدريبات العسكرية الفعلية التى يُستخدم فيها السلاح بكل أنواعه لم تكن فى مصر، بل كانت فى غزة بالتعاون مع حماس، إذن كان هناك معسكرات تدريب وإنشاء لجيش حر إخوانى برعاية «القاعدة»، لكن تدريباتهم لم تكن على أراضينا.
■ المكالمة الثانية تفيد بأن محمد مرسى أعطى أوامر مباشرة بوقف عمليات الجيش فى شمال سيناء فى بعض الأوقات، وتحديداً بعد مذبحة رفح الأولى؟
- لا لم يحدث.. حتى إن حاول تحجيم دور القوات المسلحة فى شمال سيناء، هو يحاول براحته، لكن من كان سينفذ؟ كان هناك قائد عام للقوات المسلحة وهو الشخص الوحيد المنوط به إصدار الأوامر، فالجيش أمام مسئولية أمن قومى أولا وأخيراً.
■ هل حدث أن أصدر «مرسى»قراراً يتعلق بالأمن الاستراتيجى لمنطقة شمال سيناء، وتم إبطاله فى حينه من جانب الجيش؟
- نعم، قرار بيع الأراضى فى شمال سيناء، وتم إبطال قرار «مرسى»بقرار من المشير عبدالفتاح السيسى بصفته القائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربى، وقتها، بحظر تملك أو حق انتفاع أو إيجار أو إجراء أى نوع من التصرّفات فى الأراضى والعقارات الموجودة بالمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، والمناطق المتاخمة للحدود الشرقية، بمسافة 5 كيلومترات غرباً، ما عدا مدينة رفح والمبانى المقامة داخل الزمام وكردونات المدن فقط، والمقامة على الطبيعة قبل صدور القرار الجمهورى رقم 204 لسنة 2010.
فما كان يتم التخطيط له بقرار «مرسى»أخطر مما يتخيل الجميع.
■ يتساءل البعض عن كيفية رفض الجيش قراراً أصدره رئيس الجمهورية؟
- الجيش ليست له علاقة بمن يجلس على كرسى الحكم، سواء أكان حسنى أو السادات أو مرسى، الجيش مالوش دعوة مين بيحكم البلد، الجيش ليه علاقة مباشرة بحماية أمن البلد والشعب، الجيش معروف مهمته وولاؤه لمين. ولاؤه للبلد ولشعبها، وبالتالى حينما يوجد قرار مثل ذلك الذى أصدره مرسى ببيع الأراضى وتهديد الأمن القومى المصرى والبلد والشعب المصرى فلا يجب أن يقف متفرجاً.
■ ماذا عن واقعة خطف الجنود السبعة التى لا تزال تحمل علامة استفهام حتى الآن؟
- كانت مجرد شو إعلامى ليس أكثر ولا أقل من جانب محمد مرسى وجماعته لكسب التأييد الشعبى بعد أن أصبحت شعبيتهم فى تلك الفترة فى انحدار كبير وشعروا بالخطر، وكلنا يذكر تصريحه بسلامة الخاطفين والمخطوفين، وبمقولة أخرى نقدر نقول إنها «تمثيلية»بدليل أنه لم يتم القبض على الخاطفين حتى اليوم.
«مرسى»كان على علم بمذبحة رفح الأولى قبل تنفيذها.. وواقعة خطف الجنود السبعة «تمثيلية»من «الإخوان»لكسب المزيد من تأييد الشارع المصرى
■ ماذا عن مرتكبى مذبحتى رفح 1، رفح 2؟
- هاتان المذبحتان كانتا مأساة كبيرة، الجناة فى مذبحة رفح 1 نفذوا العملية وهربوا فوراً على «الناحية التانية من حدودنا»أما رفح 2 فقد تمت تصفية بعضهم والباقون قُبض عليهم.
■ هذا يقودنا إلى محتوى المكالمة الثالثة التى تفيد أن محمد مرسى كان على علم بمذبحة رفح 1 قبل تنفيذها؟
- نعم، قد لا يكون وقتها مرسى يعرف كل التفاصيل، لكنه كان على علم بها قبل أن تتم، لقد كان على علم أن هناك عملية إرهابية ستتم ضد جنود القوات المسلحة المصرية على الحدود.
■ وما الاستفادة التى سيحصل عليها من تنفيذ مذبحة كهذه لجنودنا؟
- كان عنده «اتنين»لازم يتخلص منهم، وهما المشير حسين طنطاوى «وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق» وقائد الأركان السابق، الفريق سامى عنان، اللذين تمت إقالتهما بالفعل بعد المذبحة فوراً.
■ هل نملك أدلة مباشرة على أن هذه العملية مدبرة بالفعل وأن مرسى كان يعلم بها تماماً؟
- تحقيقات النيابة هى التى ستحدد ذلك، لأن القضية ما زالت مفتوحة حتى الآن، وكل الشواهد والأدلة تحت يد النيابة.
■ لماذا اعتبر الإخوان وتيار الإسلام السياسى إقالة المشير طنطاوى والفريق عنان من أهم إنجازات مرسى؟
- لأنهم يعلمون قوة هذين الرجلين، خاصة حنكة المشير طنطاوى فى إدارة الدولة، وأن كلا الرجلين يعرف جيداً التاريخ الكامل لهم، سواء المعلن أو غير المعلن، وعارفين أساليب هذه الجماعات كويس للوصول إلى الحكم من البدايات، فهم لديهم هدف واحد ومحدد وهو «التمكين»، ويريدون تحقيقه بشتى الطرق والأساليب المشروعة وغير المشروعة، سواء كان ذلك من خلال الدعوة، السلاح، المخدرات، هيوصل هيوصل، لهذا كانوا قلقين جداً من وجود الرجلين فى دائرة صنع القرار.
■ هل صحيح أن مرسى طلب من المشير طنطاوى قبل قرار الإقالة مباشرة 1.5 مليار جنيه من ميزانية الجيش لدعم وزارة الكهرباء والمشير قال له إن ذلك أمر صعب لكنه سيحاول أن يتصرف؟
- ليست عندى معلومة عن هذا الأمر، لكن الجيش ضخ مليارات الجنيهات لإنقاذ الاقتصاد حتى لا تلجأ مصر إلى قرض من صندوق النقد الدولى، وهذا القرض كان من ضمن المخطط لإضعاف الدولة والسيطرة عليها «على فكرة»، وذلك من خلال «أغرقك بالديون وعليها فوائد كمان»و«إنك مش هتعرف تسدد بعد كده، فأنا أقدر أفرض عليك شروطى».
■ محتوى المكالمة الرابعة يتحدث عن أن مرسى كان يريد إخلاء منطقة معينة من شمال سيناء من الأمن المصرى تماماً تنفيذاً لبنود اتفاقية بين الإخوان وأمريكا وقطر تتضمن رشوة 8 مليارات دولار فى إطار مشروع «غزة الكبرى».
- صح، وللعلم هذه الاتفاقية رفضها كل من حسنى مبارك وأنور السادات إبان فترة حكم كل منهما، ورفض مبارك لهذه الاتفاقية كان بداية الصدام الحقيقى بين مبارك وأمريكا، ولهذا أتت أمريكا بالإخوان لتنفيذ هذه الاتفاقية لاحقاً، وكان الكلام يدور عن أن أمريكا ستسهل لهم الوصول للحكم والإخوان «عليهم الباقى بعد كده».
■ تحدث مرسى صراحة فى إحدى المرات عن إمكانية الزج بالجيش المصرى فى اسقاط نظام بشار الأسد «ما سماه وقتها الجهاد»فضلاً عن توجيه ضربة عسكرية إلى إثيوبيا عقاباً لها على بناء سد النهضة، هل هذه التصريحات كان لها تحرك على الأرض بالفعل بين القوات المسلحة كاستعدادات لتنفيذ هذه القرارات إبان فترة حكمه؟
- كانت تصريحات غير مسئولة وفى نفس الوقت تنفيذها غير منطقى، لكن هذه التصريحات لم تصل إلى حيز التنفيذ أبداً، وتجب الإشارة إلى أن مرسى كان لديه مخطط فعلى لتنفيذ هذه التصريحات إذا استمر فى الحكم لسنوات إضافية، لكنى أؤكد أن حتى هذه المخططات للإخوان ومرسى ما كان الجيش المصرى لينفذها على الأرض أبداً.
■ هل تعنى أنه لو أصدر مرسى قرارات جمهورية بكلتا العمليتين العسكريتين فعلياً، ما كان للجيش أن ينفذ؟
- طبعاً، وهذا أمر منطقى جداً، فهناك خطط يمكن تنفيذها وخطط لا يمكن تنفيذها، فهذه خطط كانت ستؤول بالجيش المصرى إلى مستنقع إرهاب وأخرى إلى حرب ضروس وتهدف إلى تفتيت الجيش وهدمه، يضاف إلى ذلك أن الرأى العام المصرى أيضاً ما كان ليوافق على هذه العمليات أبداً، فهذه مخططات كان يريد من ورائها هدم الجيش.
■ بحكم طبيعة عملك السابق، إلى أى مدى كان مرسى ومخططات جماعته تهدد سيادة حدودنا الشمالية والجنوبية؟
- مرسى وجماعته بكل تأكيد وبالأدلة الدامغة كان هيسلم حلايب وشلاتين للسودان، وجزءاً من شمال سيناء لحماس، لكى تكون من ضمن العمق الغزاوى تحت ما يسمى بمشروع «غزة الكبرى»وهو المشروع الذى تحاول أن تنفذه أمريكا وبتمويل قطرى كامل بكافة السبل، فوجدوا ضالتهم فى الإخوان، وكان الاتفاق أن ينفذ هذا المشروع مقابل مساعدة الإخوان على الوصول للحكم، أما ما يتعلق بالجنوب، فالسودان هى العمق الجنوبى الاستراتيجى لمصر وهناك إخوان فى السودان منذ عقود ولهم قوتهم فى الشمال، فجماعة الإخوان فى السودان كانت نشأتها مع نشأة الجماعة فى مصر منذ أيام حسن البنا، بل إن البنا نفسه أرسل وفداً إخوانياً إلى السودان عام 1944 لنشر دعوة جماعته، وكان مرسى يريد أن يجاملهم ويكتسب المزيد من دعمهم، فهم فى النهاية يعملون فى إطار الخلافة الإسلامية التى بلا حدود من وجهة نظرهم.
■ بعيداً عن الزيارات الرسمية المعلنة ومشاركتهم بشكل مباشر فى كل الأحداث التى شهدتها مصر، بدءاً من اقتحام السجون أثناء ثورة 25 يناير وغيرها من الملفات التى تورطت فيها حماس لدعم حكم الإخوان، هل من تفاصيل أخرى يمكن الإعلان عنها لأول مرة عن تحركات حماس؟
- الذى لا يعرفه الكثيرون أن حماس فى فترة حكم مرسى قامت بالفعل بشراء العديد من المقرات فى مصر، خاصة فى منطقة التجمع الخامس، لكى تكون مكاتب رسمية لهم، وتتوسع فى نشاطها ويكون لهم صفة رسمية بشكل مباشر للعمل فى مصر بعد ذلك.
■ وأين ذهبت هذه المقرات الآن؟
- المفارقة العجيبة أن كل قيادات حماس خرجت تنفى و«تحلف»بأنها لا تمتلك تلك المقرات، لكن الحقيقة أن هذه المقرات أصدرت محكمة الأمور المستعجلة العام الماضى حكماً بالتحفظ عليها وإغلاقها وحظر نشاطها فى مصر.
■ تظل علاقة الإخوان بإيران إبان فترة حكم مرسى هى الأكثر تعقيداً، وفى ذات الوقت بها الكثير من الكواليس غير المعلنة، ولعل أخطر ما تم تداوله فى هذا الشأن ما يتعلق بزيارة عناصر من الحرس الثورى الإيرانى لمصر لتدريب عناصر من الإخوان لإنشاء أجهزة أمنية موازية بديلة لصالح جماعته وحكمه، ومن بينها جهاز مخابرات خاص، لكن المخابرات الحربية تصدت لذلك؟
- نعم حدث ذلك، حيث حاول مرسى بالفعل الاستعانة بعناصر من الحرس الثورى الإيرانى «باسداران»لإنشاء جهاز مخابرات موازٍ يعمل لصالحه ولصالح جماعته وكان من بين خطة التمويه زيارة 200 ألف سائح إيرانى لمصر على أن تدخل هذه العناصر متخفية كسائحين، لكن المخابرات الحربية حسمت تلك الكارثة منذ البداية ومنعت إعطاء تصاريح للإيرانيين بدخول مصر، ونشطت الأجهزة الأمنية فى تلك الفترة بشكل غير مسبوق، وأى مشتبه به كان يتم ترحيله فوراً.
■ هل شهدت زيارة الرئيس الإيرانى كواليس خطيرة على الأمن القومى المصرى؟
- طبعاً، لكنها ليست للنشر.
■ على الأقل هل يمكن تأكيد القبض على عناصر من الحرس الثورى الإيرانى كانوا يقومون بالتخطيط لعمليات ما؟
- نعم، وقد كانوا يدخلون فرادى لعدم لفت الانتباه لهم.
■ هل يمكن الإفصاح عن جزء مما كانوا يخططون له؟
- عمليات تجنيد للشباب للانضمام لجهازهم الاستخباراتى الموازى لصالح مرسى وجماعته.
■ هل يمكن القول إن مرسى وجماعته فشلوا فى السيطرة على الأجهزة الأمنية المصرية وإخضاعها لصالحهم لذلك حاولوا إنشاء هذه الأجهزة الأمنية الموازية بعناصر أجنبية؟
- ليست سيطرة أو إخضاعاً، بل فشلوا فى كسب ثقة الأجهزة الأمنية المصرية بسبب غبائهم وتاريخهم الأسود ضد البلد على مدار الثمانين عاماً الماضية، فهو ليس تاريخاً مشرفاً، بل تاريخ دموى، وهم يعرفون تماماً أنهم لا يستطيعون الكذب أو ادعاء شىء غير الحقيقة.
■ لكن هذا لا ينفى وجود بعض الموالين للإخوان فى بعض الأجهزة الأمنية، ولعل هذا ظهر جلياً فى أكثر من واقعة، منها حكاية الضباط الملتحين على سبيل المثال؟
- لا أنكر ذلك، لكن فى النهاية هؤلاء الأشخاص لهم قيادة ووزير يملك القرار الأول والأخير، ومهما كانت صفتهم ففى النهاية سيتم استغلالهم فى تحركات صغيرة وليس فى أمور استراتيجية كبيرة.
■ هل كان القبول فى الكليات العسكرية أثناء فترة حكم مرسى يحمل طابعاً خاصاً فى نوعية المتقدمين؟
- نعم، فكل عام نستقبل آلاف الطلبات للانضمام للكليات العسكرية، ومرسى وجماعته كانوا يعتقدون أنهم سينجحون فى «أخونة»الجيش المصرى على مدار 4 سنوات الحكم، من خلال قبول دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية ممن ينتمون للجماعة وتقدموا بأعداد كبيرة، بالفعل، بحيث تكون لهم قاعدة قوية داخل الجيش لاحقاً، لكنهم فشلوا فى ذلك أيضاً، فعقيدة الجيش واحدة وهى الولاء للبلد وليس لأى جماعة أو معتقد، وهذه عقيدة معروفة تماماً للجيش المصرى منذ قديم الأزل، لهذا لم يدخل أحد منهم الكليات العسكرية لأن تاريخهم العائلى معروف تماماً من خلال أوراق الترشح، وهذه عقيدة الإخوان من زمان وهى محاولة اختراق الجيش المصرى بأى طريقة، سواء من خلال الكليات العسكرية، أو التجنيد أو التطوع.
■ هل وصلت محاولة أخونة مفاصل الدولة إلى الأجهزة السيادية أيضاً؟
- نعم، حاولوا اختراق المخابرات العامة، الرقابة الإدارية والأمن الوطنى، لكنهم أيضاً فشلوا لأن عقيدتنا كلنا واحدة وهى الانتماء للبلد.
■ هل امتلك الإخوان أجهزة تجسس متطورة؟
- نعم، كانوا يستوردون أجهزة تجسس عن طريق شركات مملوكة لهم، وتم ضبط العديد من الشحنات قبل دخولها للبلد، والبعض الآخر من هذه الأجهزة تم ضبطه تباعاً من خلال القبض على عناصرهم.
■ جرى الحديث عن محاولات خيرت الشاطر، النائب الأول لمرشد الجماعة حينها، للحصول على معلومات شديدة السرية من إحدى الجهات السيادية، فما الذى حدث تحديداً؟
- هذه واقعة تُكشف لأول مرة، طلب خيرت الشاطر من أحد قيادات الجيش الذى كان يشغل منصباً مهماً «بدون ذكر أسماء»فى أحد الأيام معلومات غاية فى السرية «تخص طبيعة عمل القوات المسلحة فى مناطق معينة ولا يمكننى الكشف عن طبيعة هذه المعلومات أبداً لأنها تخص الأمن القومى»، وحدد الشاطر معه بالفعل موعداً للزيارة للحصول على تلك المعلومات، فقام ذلك القائد فوراً بإبلاغ الفريق السيسى، وكان وقتها يشغل منصب وزير الدفاع، وبالفعل راح الأخ خيرت الشاطر إلى المقر بحسب الميعاد فوجد فى استقباله السيسى على مكتب ذلك القائد بدلاً منه، وقال له «خير أؤمر»؟ طبعاً الموقف ألجم الشاطر ولم يستطع أن ينطق بحرف واحد وغادر المكان، بعد أن فهم ما حدث.
■ هل حاولوا اختراق منظومة التسليح للقوات المسلحة والحصول على معلومات عنها؟
- لا هم ولا غيرهم يقدروا يعملوا كده، وإن كان على المعلومات المتداولة للعامة بشأن منظومة التسليح لأى جيش لأى دولة فهى متوفرة على الإنترنت وفى المجلات العسكرية، وتسليح أمريكا نفسه موجود على الإنترنت، لكن المهم هنا أنا باستخدمه إزاى؟ وهذا أمر لا يمكن لأحد أبداً أن يعرفه.
■ هل كان من ضمن مخططات الإخوان فى فترة حكم مرسى إقامة قواعد عسكرية أجنبية فى مصر؟
- نعم بكل تأكيد وهذا أمر منطقى فى ظل العلاقة المشروطة منذ البداية بين أمريكا والإخوان والاتفاقات التى تمت بين الطرفين لوصول الإخوان إلى الحكم.
■ أين كانت مواقع هذه القواعد؟
- حسب المكان الذى يختاره الأمريكان.
■ تداولت وسائل الإعلام مؤخراً الحديث عن قوائم كثيرة للاغتيالات كانت مُعدة للتنفيذ من قبل جماعة الإخوان لكل معارضيهم، بل إن بعضاً منها قد نفذ بالفعل وهنا أتحدث عن الدكتور محمد يسرى سلامة، المتحدث السابق باسم حزب النور وأحد مؤسسى وقياديى حزب الدستور، والذى كان معارضاً لحكم الإخوان وهاجم الشاطر وكان ضد دستورهم، حيث يشاع أنه تم اغتياله من خلال خطابات أرسلت له تحتوى على مادة السيانيد القاتلة، فما تعليقك؟
- ليست لدىَّ معلومة مؤكدة تخص هذا الأمر، لكن مما لاشك فيه أنه كانت لديهم قوائم كبيرة للاغتيالات لكل معارضيهم وكانت مُجهزة من فترة طويلة قبل 30 يونيو.
■ ماذا عن محاولة التدخل فى أحكام القضاء، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التى تدينهم؟
- حدث بالفعل، أبسطها واقعة تعيين النائب العام الموالى لهم، ومن المعروف أن النائب العام هو المسئول عن توزيع القضايا فيما بعد على المحاكم والقضاة، وهو «عارف مين القضاة اللى تبعهم ومين اللى ضدهم»، وهو ما جعل مرسى وقتها يصدر قراراً دستورياً بتحصين قرار تعيين ذلك النائب، لأنه يعلم تماماً أنه باطل.
■ هل صحيح أن مرسى التقى فجر يوم 30 يونيو فى مقر الرئاسة بمجموعة من قيادات الجماعات الإرهابية والجهادية، ثم اجتمع معهم خيرت الشاطر بحضور أعضاء مكتب الإرشاد فى لقاء مطول فى ذات اليوم للحديث عن آليات انتشارهم فى الشارع قبل انتهاء مهلة 48 ساعة؟
- نعم حدثت زيارات استثنائية فى هذا اليوم، لكن للعلم مرسى والشاطر كانا على لقاء شبه يومى مع محمد الظواهرى وبعض قيادات التنظيمات الإرهابية فى مقر الرئاسة.
■ هل حدثت مواجهة مباشرة بين الفريق عبدالفتاح السيسى والمعزول محمد مرسى قبل ثورة 30 يونيو؟
- نعم، قبل ثورة 30 يونيو مباشرة كان هناك اجتماع طارئ ومطول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة مع مرسى لإقناعه بإجراء استفتاء أو انتخابات رئاسية مبكرة لكن مرسى رفض وصمم على موقفه ولم يتوصلوا إلى نتيجة، فقد كان السيسى رافضاً بشكل واضح فكرة عزل محمد مرسى، وكان مع طرح بقائه فى السلطة وإجراء استفتاء على استمراره من عدمه، وفكرة عزله خرجت من شباب «تمرد»والقوى السياسية، وكانت ترفض ما طرحه «السيسى»بإجراء استفتاء، خاصة بعد الخطاب الأخير لـ«مرسى»الشهير باسم «خطاب الشرعية».
■ عملت فترة طويلة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء رئاسته المخابرات الحربية والاستطلاع، فهل من ذكريات عن تلك الفترة؟
- الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصية بسيطة، متواضعة، عقلية متفتحة ومتدينة فى ذات الوقت، يعشق العمل، يحترم الصغير والكبير، محب للمحيطين به فى العمل «ما يتأخرش عنهم فى أى حاجة»ويتمتع بسخاء وكرم كبير أيضاً، ولاؤه لمصر وللمصريين لا يمكن أن يوصف فى بضع كلمات مهما كانت عميقة، كما أنه يتمتع ببعد نظر كبير فى تقييم الأمور.
■ ما الموقف الذى ترى أنه كان اختباراً صعباً للرئيس السيسى؟
- بحكم عملنا نتعرض للكثير من المصاعب والمواقف المعقدة، لكنى أعتقد أن أصعبها موقفه فى الثلاثين من يونيو، وانحيازه الكامل لإرادة الشعب وللبلد، فهذا رجل وضع روحه على كف يده إنقاذاً لمصر من مصير أسود كانت تقودها إليه جماعة الإخوان، فهذه الأربع والعشرين ساعة من تاريخ مصر كانت حاسمة وفاصلة لعقود طويلة مقبلة.