لا تخفى قصة ريا وسكينة على أحد، السفاحتان اللتان قتلتا النساء بمشاركة أزواجهن، من أجل الحصول على المجوهرات والحلي ، ولكن قلة منا يعرف ماذا حدث بعد صدور حكم الإعدام وتنفيذه على الشخصيات الأربعة "( ريا، سكينة، حسب الله، عبد العال).
من المعروف أن من قام بالاعتراف على ريا وسكينة ، هي "بديعة ابنة ريا " التي كانت تكن لأمها حباً جما ًبالرغم من تصرفات الأم البشعة معها.
في هذا التقرير سنسلط الضوء على شخصية "بديعة " الطفلة التي عانت من ويلات الظلم والفقر المجتمعي والجفاف العاطفي من قبل أسرتها ومن الذنب الكبير الذي حملته في قلبها بسبب ما فعلته بعائلتها ، ماذا حصل لابنة ريا بعد اعدام أسرتها ؟ حقيقة لا يعرفها البعض.
بديعة هي الابنة الوحيدة لريا وحسب الله ولم ينجب والديها غيرها ويقال أن ريا قد سبق وأن حملت قبلها وبعدها بما يقارب ال10 أطفال ولكن جميعهم ماتوا إما بعد الولادة مباشرة أو أن تكون قد أجهضتهم في فترة الحمل،
حياة بديعة الطفلة البريئة كانت مأساوية جداً، فأي طفل في عمرها يملك أحلام ورغبات أقصاها امتلاك لعبة أو الحصول على فستان أو حذاء جديد، وفي الحقيقة أن بديعة كانت طفلة عادية جداً بالرغم من وجودها في بيئة قذرة بسبب الفقر الذي أحاط بعائلتها و فساد أخلاقهم ومبادئهم.
من الصعب تخيل أن طفلة تعيش في منزل واحد مع عائلة سفاحة دون أن تتأثر أخلاقها بذلك، ولكن بديعة كانت مختلفة، فلم تجرها أفعال أبويها إلى تعلم السرقة أو النصب أو حتى مشاركتهم في عملية القتل. ما كانت تراه بديعة كان يزرع في قلبها الخوف والجبن وكانت كما يقال باللهجة المصرية "غلبانة أوي"، ورغباتها أقل بقليل مما يطلبه الأطفال في عمرها.
المنزل الذي عاشت فيه بديعة برفقة والديها بقي على ماهو عليه منذ ذلك الحين:
قديماً كانت ترتدي نساء مصر"منديلاً" على رأسهم وكانت البنات الصغيرات يلبسن مناديل مزينة بألوان وأشكال جميلة جعلت بديعة تتوق إلى واحدة من هذه المناديل وطبعاً من الطبيعي أن تقوم بطلب منديل من أمها التي قامت ببساطها بضربها ضرباً مبرحاً، لكن شاء القدر أن تحصل بديعة على منديل ..لكن كيف ؟
داخل زنقة الستات
يقال أن إحدى المغدور بهن كانت ترتدي منديلاً جميلاً لم تنتبه له ريا وسكينة وشركائهن ، فأخذته بديعة ووضعته على رأسها ، كانت مذهولة فيه وسعيدة لدرجة أنها لم تكن تعي أن هذا المنديل هو لشخص ميت !
وبالرغم من فقدان ثقتها بنفسها وبمن حولها إلا أنها كانت تعشق أمها بدرجة جنونياً رغم قسوة الأخيرة معها، فمن الغريب أن نشعر بحب شديد نحو شخص هو السبب في عدم احساسنا بالراحة والأمان والثقة. كانت بديعة تشعر بالذنب تجاه والدتها التي على ما يبدو لم تشعر بها إلى لحظة الإعدام حيث كانت آخر جملة قالتها ريا وقت اعدامها سنة 1921 عن عمر ناهز ال35 سنة "اودعتك يا بديعة بنتى عند الله ونطقت بالشهادتين بعدها.
صوره ل "سكينه و عبد العال يوم زفافهم
أودعت بديعة بعدها في ملجئ للأيتام وعملت معاملة بشعة جداً وهذا كان أمر طبيعي نظراً إلى أنها ابنة "ريا" السفاحة ، بعدها بثلاث سنين اندلع حريق كبير في الملجئ ، ماتت فيه بديعة محروقة ، وبذلك اسدل الستار عن قصتها المأساوية حيث عاشت مذنبة وماتت محروقة.
ويبدو أن قصة بديعة كانت يجب أن تنتهي بموتها فلو تصورنا السيناريو الذي ستكون عليه حياتها لو كبرت وعاشت في تلك الفترة .كانت ستكون تعيسة فهي فإما أن تكمل مسيرة والديها وتكون مجرمة أوأن تكون شخص جيد لن يستطيع التعايش مع المجتمع بسبب نظرته السيئة لها .
بديعة برفقة أمها ريا :
بالصور ..غرفة الدفن بمنزل ريا وسكينة.. حكايات الرعب بالإسكندرية
منزل ريا وسكينة بحى اللبان بمدينة الإسكندرية ، من أكثر الأماكن شهرة بعروس البحر المتوسط نظرا لما شهده هذا المنزل من جرائم وحشية ارتكبتها اثنتان من أكثر النساء دموية فى تاريخ مصر احترفتا اصطياد السيدات وقتلهن بهدف السرقة ودفنهن فى نفس المنزل الذى كانتا تسكنان فيه.
بمجرد وصولك إلى 'كراكون اللبان' وهو قسم الشرطة الذى اعترفت فيه السفاحتان بجرائمهما تجد العشرات من الذين يقدمون مساعدتهم لمن يمرون بهذه المنطقة خاصة الأطفال الأقل من 15 عاماً والذين تبدو عليهم علامات الرعب والخوف بمجرد الوصول إلى هذا المنزل لاعتباره مكاناً مخيفاً مليئا بالأشباح طبقاً لما يتداوله الناس عن هذه المنطقة.
وعند وصولك إلى منزل ريا وسكينة تتغير جميع المفاهيم التى جسدتها الأفلام والسينما المصرية عن منزل ريا وسكينة، وذلك لقيام صاحب المنزل الأصلى بهدمه منذ أكثر من 40 عاماً وبناء منزل جديد مكانه يتكون من ثلاثة أدوار.
داخل منزل ريا وسكينة بالإسكندرية وبالدخول إلى غرفة الدفن التى استخدمتها السفاحتان لدفن 17 جثة من ضحاياهما من النساء وبالأستماع إلى حكاية هذا المنزل وحقيقة ما يثار حوله وانطباعات ومشاعر سكانه الجدد وما شهده هذا المنزل من أحداث بعد استخراج جثث الضحايا والقبض على السفاحتين وإعدامهما .
قابلنا الحاج محمد الذى يسكن بالدور الأرضى وهو أول من سكن بالمنزل بعد حادثة إعدام ريا وسكينة، وأكد أنه كان على علم بالواقعة قبل أن يسكن هذا البيت وأن الكثير من أصدقائه حذروه منه خوفاً من ظهور عفاريت الضحايا له، لكنه لم يقتنع وأصر على السكن فيه .
وأكدت ابنته أنه لا يوجد ما يخيف فى السكن بالمنزل ومنذ أن سكنوا فيه حتى الآن لم يروا شيئاً خارجاً عن المألوف، على الرغم من قرب شقتهم من غرفة الدفن الذى استخرجت الشرطة منها 17 جثة، والتى أصبحت الآن منورا للعمارة.
فيما أشار محمود أحد أقدم سكان المنطقة والذى عاصر والده الحاج مصطفى فترة القبض على ريا وسكينة، إلا أن والده حكى له كثيرا عن هذا البيت، وأن المنزل ظل مهجورا لفترة طويلة ، ولم يجرؤ أحد على السكن فيه بعد أن انتشرت الشائعات عن وجود الأشباح والعفاريت ، وتأكيد أكثر من شخص أنه شاهدها بنفسه، لذلك انتشر الخوف والرعب بين السكان لدرجة أنهم لم يكونوا يسيرون بالشارع الذى يوجد به المنزل .
وظلت هذه العزلة والخوف حتى منتصف فترة الخمسينات حين قرر أحد الفتوات الذين أطلق عليه السكان اسم محمود ابن ريا، لكثرة الخناقات والمشاكل التى كان يفعلها بالمنطقة واعتباره أكبر بلطجى فيها، والذى قرر لإثبات وإظهار فتونته وقوته وسيطرته أن يدخل البيت ليلا ويبيت فيه، حتى اتخذه سكناً له لفترة طويلة وسط استغراب وإعجاب سكان المنطقة بشجاعته، لافتاً أن سكان المنطقة بعد ذلك اكتشفوا أنه يسرق أرضيات المنزل ويقوم ببيعها، حتى انهار جزء كبير من المنزل عليه وهو نائم بداخله، وتم نقله إلى المستشفى وتوفى بعدها بأيام.
واستطرد محمود أنه عاصر المنزل وهو طفل بعد أن انهار وأصبح خرابة يلهو فيها الأطفال ويسردون قصصا وهمية من خيالهم بمشاهدة الأشباح بالمنزل، حتى تم بيع الأرض وبنى عليها منزل جديد وسط استغراب وخوف سكان المنطقة الذين ترقبوا ماذا سيحدث لمن سيسكن فيه ، مؤكداً أن جميع السكان فى المنزل لا يرون أى أشباح منذ بنائه حتى الآن.
وقال إن السينما المصرية والأفلام اختلقت قصصا فرعية ينفيها السكان الأصليون الذين عاصروا تلك الفترة، ومنها والده، فعلى سبيل المثال أن ريا لا يوجد لديها أبناء نهائياً وأن 'بديعة' التى اعترفت على جرائم والدتها كانت من تأليف السينمائيين، كما تناثرت بعض الأقاويل أن الفتاة التى تم إيداعها فى دور الرعاية كانت ابنة أحد الضحايا وليست ابنتها.
سليمان بك عزت وكيل النيابة الذى اوقع بريا وسكينة
واستطرد حديثه بأن والده رحمه الله، كان يؤكد له فترة سكن ريا وسكينة بالمنزل لم يلاحظوا أى تحركات مريبة لديهم غير كثرة الزيارات التى أكدت السفاحتان أنها لأقاربهما ولم يشك فيهما الجيران على الإطلاق .
وتعد قصة ريا وسكينة تجسيداً حياً لإحدى الجرائم البشعة التى هزت مصر فى عام 1920 حيث حدث جزء منها فى حى اللبان أفقر منطقة فى ميناء الإسكندرية، والتى شهدت قتل 17 امرأة ، ودفن جثثهن داخل المنزل الذى تم استخدامه فى شتى الأعمال المشبوهة.
أحد سيناريوهات محضر الضبط
بدأت ريا وسكينة سلسلة من الجرائم الوحشية فى الإسكندرية مطلع نوفمبر 1919، فى الوقت الذى انشغلت فيه المدينة الساحلية بالانتفاضات الشعبية الشهيرة التى قام بها الزعماء ضد القوات البريطانية المحتلة، مما أتاح للعصابة العمل دون عقاب.
بدأت العصابة الإجرامية العمل فى الإسكندرية لأكثر من ثلاث سنوات، وذلك بعد القدوم من صعيد مصر إلى بنى سويف وكفر الزيات لتتزوج ريا حسب الله سعيد مرعى، بينما شقيقتها سكينة عملت فى بيت دعارة حتى سقطت فى حب أحد الرجال.
انتقلت ريا بصحبة زوجها، وسكينة بصحبة عشيقها للعديد من الأماكن التى كانتا تستقطبان فيهما الضحايا، وشهدت أربعة منازل فى الإسكندرية هذه الجرائم بعد انتقال السفاحتين للسكن فيها , ومنها سوق زنقة الستات القريب من ميدان المنشية، هو الذى اصطادت منه السفاحتان معظم ضحاياهما، وعناوين البيوت هى: 5 شارع ماكوريس فى حى كرموز، 38 شارع على بك الكبير، 16 حارة النجاة، 8 حارة النجاة.
وكانت ريا تذهب إلى السوق وتختار الشخصية التى فى يدها الحلى والمجوهرات الكثيرة، وتقوم بالحديث إليها للتقرب منها، ومن ثم تعرض عليها أوانٍ من المنطقة الجمركية تدعى أنها بأسعار رخيصة، وتأتى ريا بالضحية إلى المنزل لتقوم بقتلها بالاستعانة بزوجها وشقيقتها وعشيق شقيقتها، بالإضافة إلى عرابى حسان وعبدالرازق يوسف وهما أحد المعاونين.
فى هذا المكان أخفوا بعض ملابس ضحاياهم
وجاءت بداية البلاغات عن طريق السيدة زينب حسن البالغة من العمر أربعين عاماً إلى حكمدار بوليس الإسكندرية فى منتصف شهر يناير عام 1920 تشير فى شكواها إلى اختفاء ابنتها نظلة أبو الليل البالغة من العمر 25 عاما، دون سرقة أى شىء من شقة ابنتها، وانتهى بلاغ الأم وسط إبداء مخاوفها من أن تكون ابنتها تم قتلها بهدف سرقة مشغولاتها الذهبية.
أحد الضحايا
جاء البلاغ الثانى فى منتصف شهر مارس من العام نفسه وتلقاه رئيس نيابة الإسكندرية من المواطن محمود مرسى يفيد باختفاء أخته زنوبة حرم حسن محمد زيدان، وعلى الرغم من ذكر صاحب البلاغ اسم 'ريا وسكينة' فى كونهما آخر اثنتين كانتا بصحبة أخته، إلا أن الجهات الأمنية استبعدتهما من الشبهات ودائرة التحقيقات.
أما البلاغ الثالث فكان عن طريق 'أم إبراهيم' فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً، أكدت فى بلاغها للجهات الأمنية بالإسكندرية اختفاء أمها زنوبة عليوة 'بائعة طيور - 36 عاما'، وأشارت الفتاة فى بلاغها إلى أن آخر من تقابل مع والدتها هما ريا وسكينة!.
تجمهر المواطنين خارج المحكمة
فى الوقت نفسه جاء بلاغ من حسن الشناوى ويعمل جناينى بجوار نقطة بوليس يؤكد أن نبوية على اختفت من عشرين يوما، لتدور حالة من الرعب والهلع والفزع فى جميع أرجاء الإسكندرية بعد كثرة البلاغات والملابسات المتشابهة مع اختلاف الزمان والمكان.
جاءت المفاجأة المدوية بعثور عسكرى الدورية فى صباح 11 ديسمبر 1920 على جثه امرأة بها بقايا عظام وشعر رأس طويل بعظام الجمجمة وجميع أعضاء الجسم منفصلة عن بعضها وبجوار الجثة طرحة من الشاش الأسود وفردة شراب سوداء.
تملكت الحيرة من رجال البوليس لعدم التعرف على صاحبة الجثة، وتوالت المفاجآت بقدوم رجل يدعى أحمد مرسى عبده يتقدم ببلاغ إلى قسم اللبان يقول إنه أثناء قيامه بالحفر داخل حجرته لإدخال المياه عثر على عظام آدمية فى البيت الذى كان يستأجره رجل اسمه محمد أحمد السمنى الذى كان يؤجر حجرات البيت من الباطن لحسابه الخاص ومن بين هؤلاء سكينة بنت على، خاصة أنها هى التى استأجرت الحجرة التى عثر فيها الرجل على الجثة تحت البلاط!.
خطاب الطب الشرعى لاعدام عبد العال
بعد أن ظهرت الجثة بحث المخبرون فى المنطقة عن أى دلائل تقود إلى المتهمين، ولاحظ أحد المخبرين ويدعى أحمد البرقى انبعاث رائحة بخور مكثفة من غرفة ريا بالدور الأرضى بشارع على بك الكبير، ما أثار شكوكه، وأشار فى بلاغه إلى أنه عندما سأل ريا عن هذه الرائحة أكدت أنها تقوم بذلك من أجل إضاعة رائحة الرجال المخمورين الذين يدخلون المكان بصحبة أختها.
تقرير الطبيب الشرعى لاعدام سكينة
لكن لم يقتنع اليوزباشى إبراهيم حمدى بهذا الكلام وأمر بإخلاء الحجرة ونزع الصندرة ليكتشف أن بلاط الحجرة حديث العهد، وتصاعدت رائحة العفونة بشكل لا يحتمله إنسان، وحينها ظهرت جثة امرأة لتصاب ريا بالارتباك وقرر اصطحاب ريا إلى القسم اللبان، لتخبره اللجنة الموجودة بمكان الجريمة بالعثور على الجثة الثانية وعليها ختم حسب الله المربوط فى عنقه، الذى يبدو أنه وقع منه أثناء دفن الجثث، نظراً لأن تخصصه داخل العصابة هو دفن الجثث.
اعترفت ريا فى القسم بالجرائم بعد اكتشاف الجثة الثالثة، وأمرت قوات الأمن وحكمدار الإسكندرية بالتفتيش تحت بلاط كل الأماكن التى سكنت فيها السفاحتان ليتم العثور على العديد من الجثث أسفل البلاط، ويعثر الملازم أحمد عبدالله من قوة المباحث على مصوغات وصور وكمبيالة بمائة وعشرين جنيها فى بيت عرابى، كما عثر نفس الضابط على أوراق وأحراز أخرى فى بيت باقى المتهمين.
ورقة إعدام ريا
خطاب أعدام حسب الله سعيد مرعى
فى 16 مايو 1921 الموافق 8 رمضان سنة 1339 صدر حكم الإعدام بحق ريا وسكينة وزوجيهما واثنين من 'البلطجية' الذين شاركوا فى عمليات القتل ، بينما حكم على حسن على محمد الصائغ بخمس سنوات فى السجن لقيامه بشراء مجوهرات الضحايا.
ورقة إعدام سكينة
و تم اقتياد السفاحين لتنفيذ عقوبة الإعدام ، لتنطوى هذه الصفحة المزعجة من الحياة المصرية لتكون السفاحتان أول امرأتين فى مصر ينفذ فيهما حكم الإعدام ، ويعود الهدوء إلى المدينة الساحلية التى افتقدت سحرها لمدة عامين بسبب دماء الضحايا، وتبدأ الناس فى تناقل أحداث هذه القصة من جيل إلى جيل.
داخل غرفة إعدام "ريا وسكينة"بالإسكندرية
في طريق الحرية، أو شارع فؤاد بالإسكندرية يقع مبنى عتيق داخل أحد الممرات الضيقة، المبنى وإن لم يكن يعرفه أحد من أبناء المنطقة إلا أنه كان شاهدا على أهم واقعة حدثت عام 1921 أي منذ 92 عاما، وهى واقعة إعدام السفاحتين ريا وسكينة، واللتان قتلتا 17 سيدة داخل منزلهما بمنطقة اللبان.
ففي 16 مايو 1921 الموافق 8 رمضان سنة 1339 صدر حكم الإعدام بحق ريا وسكينة وزوجيهما واثنين من البلطجية شاركا في عمليات القتل، بينما حكم على حسن علي محمد الصائغ بخمس سنوات في السجن لقيامه بشراء مجوهرات الضحايا منهما.
وداخل المبنى الذي شيده شخص يدعى الكونت زوغيب كان قنصل من قناصل بلجيكا بالإسكندرية، يحدثنا حسن علوى أحد جيران المبنى وصاحب ستوديو تصوير أن تلك المحكمة شهدت أهم محاكمة في القرن الماضي للمجرمين بالإسكندرية حيث صدر فيها حكم بإعدام سفاح كرموز وحسن السفاح الذي نشأ في منطقة الشلالات.
وأضاف حسن علوي أن هذه المحكمة كانت قصرا للكونت زوغيب ثم عمر باشا طوسون وبناها على الطراز الإيطالي المهندس الفنان رفائيل ويعتبرها الإيطاليون جزءا من تاريخهم فيزورون المحكمة الآن ويتحسرون على ما آلت إليه وتحول المكان إلى خرابة ومهدد بالسقوط والانهيار بعد أن كان مليئا بالتحف المعمارية من الرخام وخشب الورد وأعمدة من الجرانيت والمقابض النحاسية التي سرقت.
وأكد علوى أن عمر باشا طوسون أعطى هذا القصر هدية لوزارة العدل ثم استلمته وزارة التربية والتعليم والآن في عام 2013 أصبح مخزنا للفول والطعمية لأحد المطاعم، وكل المنطقة التي حوله كانت عبارة عن حدائق قسمت إلى أراضي، وتم البناء عليها فتشوهت ملامحه المعمارية ولا يوجد أي أثر لريا وسكينة أو من حكم عليهم سوى غرفة الإعدام التي شهدت موت أشرس سفاحتين بالإسكندرية.
ورصدت الغرفة التي تبلغ مساحتها 7 أمتار تقريبا، ووجدتها بالفعل غرفة متهالكة الأركان وآيلة للسقوط حاليا.
واختتم علوي كلامه أن قليلا جدا من المصريين يعرفون أن هذا المكان هو مكان إعدام ريا وسكينة نظرا لإهمال الدولة له وعدم وضع أية لافتات عليه توضح صلته بالحدث.